أذكار الصباح والمساء والنوم

محبة الله تعالى والتعلق به

محبة الله تعالى والتعلق به

(محبة الله تعالى والتعلق به)

الله تعالى لا غنى عنه ، ولا خروج عن سلطانه ، ولذلك نفر منه إليه (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) وقال صلى الله عليه وسلم : لا ملجأ منك إلا إليك . والمؤمن يحب الله محبة شديدة قال تعالى (والَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) والله تعالى يبادل عباده المؤمنين محبة بمحبة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) فالله سبحانه يُحب لكماله ولإفضاله ، وعلامة ذلك تقديم محبة الله تعالى على ما تحبه النفس ، كما قدم نبي الله إبراهيم محبة الله على محبته لابنه حين أُمر بذبحه ، وهاجر رسول الله وقدّم دين الله على محبته لبلده مكة .

ومحبة الله تستلزم محبة رسوله قال صلى الله عليه وسلم : (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) وقَالَ عُمَر –رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم : فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِي .فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم : ” الآنَ يَا عُمَر ” . والتوصل لمحبة الله يكون بالإكثار من عبادته ، قال صلى الله عليه وسلم حكاية عن ربه : (.. وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه .. ) والمحبة والرضا تنشأ عنهما حلاوة الإيمان ، قال صلى الله عليه وسلم : ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار . وإذا أحب الله عبده وضع له القبول في الأرض .

والمؤمن يحب لقاء الله فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. فقلت: يا نبي الله أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت ! فقال : ليس كذلك، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه) ولذلك لما خُيّر رسول الله اختار لقاء الله فقال : بل الرفيق الأعلى ، وكان بلال فرحا عند موته وكان يقول (غدا نلقى الأحبة ، محمدا وصحبه) وقال معاذ لما حضرته الوفاة : (مرحبا بالموت ، زائر مغيب ، وحبيب جاء على فاقة ، اللهم إني كنت أخافك ، وأنا اليوم أرجوك)

والمؤمن يسأل الله أن يرزقه محبته فقد كان من دعائه –صلى الله عليه وسلم- : (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةَ قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، أَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى حُبِّكَ) قَالَ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا ثُمَّ تَعَلَّمُوهَا) رواه أحمد والترمذي وصححه .

والتعلق بالله والإكثار من ذكره من دلائل محبة الله ويورث الطمأنينة قال سبحانه (أَلَا بِذِكْرِ اللّه تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)

وقال الله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ) .

قال ابن القيم (رحمه الله) : إن في القلب شعَث لا يلُمه إلا الإقبال على الله [1] وعليه وحشة لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته [2] وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته [3] وفيه قلق لا يُسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه [4] وفيه نيران حسرات لا يُطفؤها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه [5]، ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه . وفيه طلب شديد لا يقف دون أن يكون هو وحده المطلوب ، وفيه فاقة شديدة لا يسدها إلا محبته ودوام ذكره والإخلاص له ، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا [6] .

وقال أيضا : من وطّن قلبه عند ربه سكن واستراح ، ومن أرسله في الناس اضطرب واشتد به القلق .

وقال أيضا : إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت بالله ، وإذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله ،

وإذا أًنِسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله . 

——————————————————————————————————— 

[1] – ومصداق ذلك من كتاب الله (ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق)

[2] – قال صلى الله عليه وسلم : (وجعلت قرة عيني في الصلاة)

[3] – ومصداق ذلك من كتاب الله قوله تعالى (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) وقوله سبحانه (من عمل صالحا

من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) وقوله (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)

[4] – قال صلى الله عليه وسلم : (مَنْ كَانَ هَمُّهُ الْآخِرَةَ، جَمَعَ اللهُ شَمْلَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ،

وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا، فَرَّقَ اللهُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ) . رواه أحمد وابن ماجة

[5] – ومصداق ذلك من كتاب الله قوله تعالى (ومن يؤمن بالله يهد قلبه)

[6] – قال صلى الله عليه وسلم : (ليس الغنى عن كثرة العرض ، ولكن الغنى غنى النفس) ،

وقال (إني أظل يطعمني ربي ويسقيني) كناية عن الغذاء الروحي والاتصال بالله

إترك تعليق

البريد الالكتروني الخاص بك لن يتم نشرة . حقل مطلوب *

*